وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ذهبت النبوات وبقيت المبشرات”، وقد قال بعض المفسرين في قوله عز وجل {لهم البشرى في الحياة الدنيا} قال هي الرؤيا الصالحة وقيل إن العبد إذا نام وهو ساجد يقول ربنا عز وجل انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي وروي عن أبي الدرداء قال: إذا نام الرجل عرج بروحه إلى السماء حتى يؤتى بها العرش فإن كان طاهرا أذن لها بالسجود وإن كان جنبا لم يؤذن لها في السجود وقد اختلف الناس في النفس والروح فقال بعضهم هما شيء واحد مسمى باسمين كما يقال إنسان ورجل وهما الدم أو متصلا بالدم يبطلان بذهابه. والدليل على ذلك أن الميت لا يفقد من جسمه إلا دمه، واحتجوا لذلك أيضا من اللغة بقول العرب نفست المرأة، إذا حاضت ونفست من النفس، وبقولهم للمرأة عند ولادتها نفساء لسيلان النفس وهو الدم، وربما لم يزل جاريا على ألسنة الناس من قولهم سالت نفسه إذا مات. قال أوس بن حجر نبئت أن بنى سحيم أدخلوا أبياتهم تامور نفس المنذر والتامور الدم أراد قتلوه فأضاف الدم إلى النفس لاتصالها به.
وقال آخرون هما شيئان فالروح باردة والنفس حارة، ولهذا النفخ يكون من الروح ولذلك تراه باردا بخلاف النفس من النفس فإنه سخين. وسمَّت العرب النفخ روحا لأنه من الروح، يكون على مذهبهم في تسمية الشيء بما كان متصلا به وسببا، فيقول للنبات ندى لأنه بالندى يكون، ويقولون للمطر سماء لأنه من السماء ينزل، قال ذو الرمة لقادح نار: فقلت له ارفعها إليك وأحيها * بروحك واجعلها لها قنية قدرا
يريد أحيها بنفخك. وانشد بعض البغداديين: وغلام أرسلته أمه * بأشاحين وعقد من ملح – – تبتغي الروح فأسعفنا بها * وشفاء ماء عين في قدح
وهذه امرأة استرقت لولدها فابتغت الروح أي في نفخ الراقي إذا نفث في ماء من ماء العيون، وأخذوا النفس من النفس وقالوا للنفس نسمة، يقال على فلان عتق نسمة أي عتق نفس والله عز وجل يقول:{ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}